العالم المتخفي

❞ ثمة طرق عديدة ومتباينة استُخدمت لتعريف علم النفس المظلم، ولكنني هنا في هذا الكتاب سأذهب مع أبسطها.

‫ يُعرَّف علم النفس المظلم أو Dark Psychology بأنه «علم وفن التلاعب بالعقول». فبينما يسعى علم النفس العادي أو التقليدي إلى فهم ودراسة السلوك البشري بشكل عام، عن طريق التركيز على أفكارنا وأفعالنا والطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا بعضًا، فضلًا عن محاولته استنباط الدوافع والرغبات المكبوتة غير المعلنة التي قد تجعلنا أحيانًا نتصرف بشكل يبدو غريبًا أو غير مفهوم للآخرين، يركز علم النفس المظلم فقط على أنواع الأفكار والأفعال الوحشية أو المفترسة بطبيعتها ❝

‏❞ بعبارة أخرى، يفحص علم النفس المظلم التكتيكات التي يستخدمها الأشخاص الخبيثون لتحفيز الآخرين، أو إقناعهم، أو التلاعب بهم، أو إجبارهم على التصرف بطريقة معينة تكون في صالحهم وتخدم مصالحهم، بغض النظر عن الضرر الذي قد يسببه ذلك التصرف للآخرين. ❝

‏❞ والحق، أن كل إنسان منا لديه القدرة على إيذاء أشخاص آخرين أو كائنات حية أخرى، إلا أن غالبيتنا بسبب الأعراف الاجتماعية والضمير الإنساني الحي الذي يستوطن معظمنا نميل إلى كبح جماح رغباتنا المظلمة ومنع أنفسنا من التصرف بناءً على أهوائنا الشخصية أو كل دافع غير سوي لدينا. غير أن هناك نسبة صغيرة من البشر تظل غير قادرة على التحكم في نفسها، والسيطرة بشكل تام على رغباتها المظلمة، فتؤذي الآخرين بطرق بشعة لا يمكن توقُّعها إطلاقًا، ولا يمكن أن تخطر ببال إنسان أبدًا. ❝

❞ وهنا يظهر الهدف جليًّا من وراء معرفة وفهم علم النفس المظلم، وهو محاولة فهم تلك الأفكار والمشاعر والدوافع والرغبات غير المعلنة التي تجعل هؤلاء الناس يتصرفون بهذا الشكل المريع تجاه بعضهم بعضًا، وكأنهم وحوش برية تقطن الغابة! وفي سبيل ذلك، افترض الخبراء في علم النفس المظلم افتراضًا ينص على أن الغالبية العظمى من الأعمال البشرية الشرسة هادفة. بمعنى، أن معظم الأشخاص (99.99%) الذين يفعلون أشياء شريرة يفعلون ذلك لأسباب محددة، ويكون لديهم دوافع محددة ومبررات وتفسيرات معلنة وغير معلنة تدفعهم إلى القيام بتلك الأعمال الوحشية، قد يكون بعضها عقلانيًّا ومنطقيًّا جدًّا ❝

‏❞ من وجهة نظرهم. بينما الأشخاص الآخرون المتبقون (0.01%) يفعلون ذلك دون سبب واضح على الإطلاق، ويقع الآخرون ضحايا لأفعالهم الوحشية دون منطق أو سبب يمكن تفسيره بشكل معقول أو مقبول، إما بالعلم وإما الدين وإما الأعراف المجتمعية. ❝



التعليقات

أضف تعليق